علم الكلام الأشعري مدينٌ لفكر خواجه الطوسي قرابة سبعمائة سنة

 


علم الكلام الأشعري مدينٌ لفكر خواجه الطوسي قرابة سبعمائة سنة

لـ: د. حسن أنصاري.

أستاذ زائر بمعهد برينستون (IAS) للدراسات المتقدمة - أمريكا.

نص تدوينة مترجم عن الفارسية كتب بتاريخ: 10 مايو 2020م (موافق لـ: 21 آبان 1399 بالتقويم الفارسي).

(تنبيه: كل كلمة بلونٍ أزرق تحتوي على رابطٍ عند الضغط عليها)

ترجمة: هيثم المصلوحي.

تحرير: محمد الراضي.

1. مقدمة التحرير:

يعرض الأكاديمي الإيراني الكبير حسن أنصاري – أستاذ علم الكلام والفقه الإسلامي بجامعة برينستون (معهد الدراسات المتقدمة) في مقالته المقتضبة، أدناه؛ وجهةَ نظرٍ أكاديمية مسترسلة على شاكلة تدوينة، وهي طريقة له في الكتابة غالبًا ما تكونُ خلاصة لأبحاثه المنشورة باللغتين الإنجليزية أو الفارسية. هنا؛ سيجد المطالع حديثًا مختصرًا عن التأثير الموازي لأفكار الفيلسوف والمتكلم الشيعي الكبير نصير الدين الطوسي (ت. 672 هـ/1274م) فيما يسمونَ بمتأخري الأشاعرة الذين اجترجوا طريقًا كلاميّا ميّالا إلى العقلانية الفلسفية السينوية – نسبة للفيلسوف أبي علي ابن سينا (ت. 427 هـ/1037م) – وبتأثير كبير من المتكلم الأشعري والمفسّر الكبير فخر الدين الرازي (ت. 606 هـ/1209م).

هذا وإن المقالة، على صغرها، تقترح تاريخًا تطوريًّا للفكر الأشعري ينحو إلى بيان تأثّرات الأشاعرة – على نحو إجمالي عام -. وتبقى فائدة المقالة في تنبيه الدارسين إلى مدى أهمية الالتفات إلى التفاعلات الكبرى التي حكمت الأنساق والتقاليد الفكرية في السياقات الإسلامية العربية الكلاسيكية والوسيطة، دون أن يعني هذَا الركون تمامًا إلى خلاصاتها التاريخية والعلمية.

قراءة ماتعة

المحرر: محمد الراضي.

2. النص المترجم:

عرف علم الكلام الأشعري، في تاريخه، ثلاث مراحل: المرحلة الأولى وهي مرحلة التأسيس التي تبدأ بأبي الحسن الأشعريّ نفسه، وتستمرّ إلى عصر إمام الحرمين الجويني، وفي هذه المرحلة يدين الفكر الكلامي الأشعري بالكثير للمعتزلة فيما يخص المناهج والأساليب الجدلية؛ لكنه، من حيث المضامين العقدية، خاضعٌ للمدرسة الفكرية السنية (أي الذين عارضوا المعتزلة والحنابلة معا، وأهلَ الحديث السنة أيضا).

يرجع أهم تطور في هذه الفترة إلى قبول نظرية ’’الأحوال‘‘ التي تلقاها الباقلاني أخيرًا في هداية المسترشدين؛ معبرًا، بذلك، عن فكرة جديدة لوجهة نظر تقليدية حول الصفات [الإلهية] القديمة عند الأشاعرة.

تبدأ المرحلة الثانية بإمام الحرمين الجويني وتستمرّ إلى عهد الفخر الرّازي؛ ففي هذه الفترة تأثّر الجويني بمدرستين فكريتين (وليس فقط بنسق فكري استدلالي واحد): أحدهما مدرسة أبي الحسين البصري المعتزلي، وثانيهما النظريات الفكرية [للفيلسوف] ابن سينا. كانت مدرسة الجويني، في هذه الفترة من عصره، ذائعةً في خرسان، ثم صارت في المغرب العربي، مدة قرون، مدرسةً لا ينازع حولها بين أتباع الفكر الأشعري. لقد طوّر الجويني نظرية السببية (=الظرفية) وفق القراءة الأشعرية، كما طرحَ نظريات جديدة حول القضايا الأساسية في علم الكلام الأشعري المتأثر بالمعتزلة والفلاسفة.

المرحلة الثالثة هي مرحلة فخر الدين الرازي؛ حيث تمَّ دمج الإلهيات الفلسفية ابتداءً من هذه المرحلة؛ لتتغير البنية والتعبير الكلاميين للأشاعرة كليّا بتأثير مباشر لفلسفة ابن سينا.

رغم أنّ لفخر الرازي دورًا مهما في فتق طريقة جديدة في علم الكلام الأشعري؛ إلا أنّ انتشار كتابي التجريد وشرح الإشارات [=كتاب لابن سينا] للخواجه نصير الدين الطوسي في النظام التعليمي الأشعري عن طريق تلامذة خواجه الطوسي السنة والذين تلوهم من نفس المذهب؛ كان سببًا أيضا، مع [شيوع أثر] مدرسة شيراز.

إن القضايا الكلامية التي تمّ تفسيرها، بدءًا من هذه اللحظة إلى العصر العثماني، وحتى يومنا هذا بين الأشعريين؛ تخضع بتأثير مباشر أو غير مباشر لأعمال خواجه [الطوسي]، وما ألّفه المتكلمون الأشاعرة، في هذه الفترة من علم الكلام الأشعري، يشبه كلام [أبي الحسن] الأشعري والباقلاني في المضامين الأساسية؛ ولكنه متأثّر [في عمقه] بخواجه النصير الطوسي والفخر الرازي في كثير من القضايا.

لقد كان علم الكلام الأشعري، واقعا، جاثمًا بين يدي طاولة الكلام الفلسفي للخواجه نصير الدين الطوسي – عالم الكلام والفيلسوف الشيعي الشهير – منذ قرابة سبعمائة سنة.

 ____

مدونة دراسات في علم الكلام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أحكام الأعراض عند المتكلمين - في شَرح عبارة للجويني

في محاولةِ رفعِ قلقِ عبارة حولَ كسب الأشاعرة